مقدمة
مما لا شك فيه أن الرسم هو إحدى أفضل الطرق للتعبير عن النفس ,فمنذ بدايتي في الرسم لاحظتُ أن موضوعات رسوماتي ترتكز بشكل أساسي على المشاعر الإنسانية , وخلصتُ إلى نتيجة أن أسلوب الرسم الذي أعتمده يسمى الرسم النفسي ,ونستطيع القول بأنه يندرج تحت المدرسة التعبيرية ,و هو ما يعبر عن العواطف والتجارب الداخلية بشكل عميق ,ولقد اتخذت الرسم النفسي وسيلةً ثانية إلى جانب الشعر للتعبير والتواصل مع العالم من حولي , فإضافةً لكوني شاعراً , سأحكي لكم عن مسيرتي كفنان تشكيلي.
لوحة الصرخة للفنان النرويجي إدوارد مانش
كيف بدأت؟
بدأت رحلتي مع الرسم النفسي بعد المرور بتجارب شخصية مؤثرة , والتأثر بتجارب أشخاص أيضاً من حولي ومن وحي تجارب الإنسانية جمعاء بشكل عام , وجدت هذا الأسلوب وسيلة للتعبير عن مشاعري وأفكاري التي لم أتمكن من صياغها في أشعاري , وكل قطعة فنية رسمتها كانت تعبر عن جزء من تجربتي , وكل شكل ولون كان له دلالة ومعنى خاص.
لوحة العدو اللدود Nemisis
أسلوب الرسم النفسي:
عادةً ما استخدم ألوان جريئة وأشكال معبرة تعكس الحالة النفسية التي أعيشها أثناء الرسم , أستخدم ألوان الأكرليك , فالأزرق يعبر عن الكآبة والبرودة والوحدة , والأحمر عن العاطفة القوية والغضب , والأصفر الخوف , والأسود اليأس , فالألوان ليست مجرد عناصر جمالية , بل هي أيضاً أدوات تعبيرية تحمل معانٍ ورموزاً نفسية عديدة.
لوحة رعب العجز Terror Of Helplessness
الأثر النفسي للفن:
بدأت في الرسم عام 2021 ,في وقت كان العالم يخرج ببطئ من أزمة وباء كورونا-19 الجديد , ولقد تمكنت من ترجمة العديد من التجارب الصعبة إلى لوحات والتعامل مع مشاعري بطريقة مفيدة وخلاقة, ولاحظتُ أيضاً كيف أثرت لوحاتي في الآخرين في المعارض الفنية التي شاركت فيها والآراء التي سمعتها شخصياً من الناس , فتلقيت ردود فعل إيجابية من الذين شعروا بتواصل عميق مع أعمالي , وعكسوها على تجاربهم الشخصية , و تلقيت أيضاً ردود فعل سلبية من المحيط القريب مني نظراً للطبيعة الغريبة والحزينة نوعاً ما للرسومات ,ولا ألومهم على ذلك , ولكن هذا هو أسلوبي في النهاية.
لوحة (متروك) Ghosted
التحديات والنجاحات:
خلال الثلاثة أعوام المنصرمة , كانت هنالك أوقات شعرت فيها بالإحباط , فالفن والأسلوب الذي أعتمده غير شائع نوعاً ما في مجتمعاتنا العربية , وهو بطبيعة الحال يندرج تحت مسمى أكبر وهو “التعبيرية” كما ذكرت آنفاً, فالكثير ممن قابلتهم وأعرفهم يرغبون برؤية مناظر طبيعية مرسومة تبعث على البهجة والدهشة,وبعضهم سألني إن كان بإمكاني رسم أشخاص أو رسمهم حتى ,ولكن أسلوبي مختلف تماماً , وأنا لا أهدف أبداً إلى بث اليأس والحزن في نفوس الآخرين من خلال رسوماتي , ولكنني أدعو الجمهور للتفكير بمشاعرهم و عكسها على لوحاتي في عالم طغت عليه المادة وانتشرت فيه التفاهة , ولم يعد هناك وقت للتفكير بأنفسنا أو بمشاعرنا الشخصية.
إن شغفي وإيماني بالفن دفعاني دوماً للاستمرار , فلقد تمكنت بتوفيق الله من المشاركة في ثلاثة معارض في أبو ظبي , منها المعرض الدولي للصيد والفروسية عام 2023 بلوحة غروب أبو ظبي , و اثنين في مصر شاركت في كل منهما بلوحة واحدة , وأسعى للمشاركة بالمزيد إن شاء الله .
الإلهامات والتأثيرات :
لطالما كنت أشعر بعظمة أعمال فنانين عالميين مثل فان جوخ , ادوارد مانش , و بابلو بيكاسو , فلقد عبروا عن مشاعرهم و تجاربهم بطريقة مميزة , وتأثرت بهم وبأعمالهم , ومن الأعمال المقربة إلي ” لوحة ليلة مقمرة ولوحة عند بوابة الخلود لفان غوخ , و لوحة الصرخة ولوحة الحزن لمانش , ولوحة المأساة و لوحة غرنيكا لبيكاسو ” .
لوحة ليلة مقمرة للفنان فان غوخ(المصدر: sanctuarymentalhealt.org)
رسالتي :
أود من خلال فني إيصال رسالة بأن الفن يمكن أن يكون وسيلة علاجية وتعبيرية قوية , و أشعر بسعادة غامرة عندما يشعر الجمهور بالتواصل مع أعمالي و عندما يجدون فيها مرآة لمشاعرهم وتجاربهم الشخصية, و أسعى على الدوام للتطور في أسلوبي وأتطلع للوصول إلى العالمية يوماً ما , وأدعوكم للإطلاع على مدونتي لمشاهدة المزيد من رسوماتي هنا
في الختام:
إن المسيرة التي أقطعها الآن في الرسم النفسي لهي مليئةٌ بالتحديات فعلاً , وعلى الجانب الآخر في كل مرة أنهي فيها لوحة ما أتعلم الكثير عن نفسي من خلال هذا الفن , أطمح أن يكون لهذا الفن تأثيراً إيجابياً في الآخرين , وأن يحاولوا أيضاً اكتشاف أنفسهم وطرقاً جديدة للتعبير عن مشاعرهم الداخلية , بل واستخدام هذا النوع من الفن كوسيلة للعلاج والتفريغ النفسي.